الحب الأول:
دعى النبي - صلى الله عليه وسلم - الله سبحانه وتعالى أن يحبب إليهم
المدينة و ذلك بعد أن قدموا عليها.
تقول السيدة عائشة- رضي الله عنها- لما قدم رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- وُعِك أبو بكر وبلال - رضي الله عنهما
" تعني مرضا بالحمى"
ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد :
اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا , وصححها لنا ,
و انقل حماها إلى الجحفة) "رواه لبخاري"
و قال - صلى الله عليه وسلم - :
(اللهم بارك لنا مدينتنا ... اللهم اجعل بالمدينة ضعفي
ما جعلت بمكة من البركة). "رواه البخاري ومسلم"
الحب الثاني :
من حب النبي- صلى الله عليه وسلم- للمدينة نهيه أن تسمى
" يثرب "فلا يجوز أن يقال لها ذلك بعد هجرة
النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها .
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال:
قال :رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
(( أمرت بقرية تأكل القرى , يقولون يثرب , وهي المدينة تنفي
الناس كما ينفي الكير خبث الحديد)) .
و عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله عز وجل , هي طابة هي طابة
"رواه أحمد وأبو يعلى وابن شيبه و عبد الرزاق" .
وإنما تنفي المدينة وتخرج من خبث ,وفسق, وظلم, و أذى أهلها,
فلذلك ينبغي ويجب حسن الأدب فيها , ومعرفه حق هذا الجوار النبوي ,
وأن يكون المسلم فيها صاحب طاعة و سمت حسن و أخلاق فاضلة .
الحب الثالث :
و لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب أهل المدينة, و هم جيرانه,
فقد أوصى بهم ... فعن معقل بن يسار- رضي الله عنه -قال
:قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
(( المدينة مُهاجري , و مضجعي في الأرض , وحق على أمتي أن يكرموا
جيراني ما اجتنبوا الكبائر , فمن لم يفعل ذلك منهم سقاه الله من طينه
الخبال " قلنا: يا أبا يسار , و ما طينه الخبال , قال :
عصارة أهل النار" " رواه الطبراني والدراقطني والديلمي
و هو حديث حسن بشواهده" .
الحب الرابع :
سكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – المدينة ، ودعى إلى سُكناها
و عدم الخروج منها إلا لحاجه أو تجارة أو علم أو جهاد .
و قال عليه الصلاة والسلام
( يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه :
هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ،
والذي نفسي بيده ، لا يخرج منهم أحد رغبه عنها
إلا أخلف الله فيها خيراً منه ) . "رواه مسلم"
فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(من أستطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها ، فإني أشفع
لمن يموت بها ) "رواة أحمد والترمذي وصححه "
و في رواية أخرى ( نشفع له ونشهد له ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - :
((ما على الأرض بقعه هي أحب إلي أن يكون قبري بها منها ))
يعني المدينة قالها ثلاث مرات " رواه الإمام مالك في الموطأ "
الحب الخامس :
من مظاهر محبته - صلى الله عليه وسلم – للمدينة :
أنه كان إذا سافر ثم قدم عليها أسرع نحوها .
فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -
أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان إذا قدم من سفر فنظر إلى
جدارات المدينة أوضع راحلته – يعني أسرع بها - ,
وإن كان على دآبة حركها ، من حبها "رواه البخاري " .
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما –
(ما أشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة
قط إلى عرف في وجهه البشر و الفرح ) "
رواه الطبراني " و هو حسن لغيره .
و أحب النبي - صلى الله عليه وسلم – هواءها ، فلما قدم
من غزوة تبوك ، و أقبل على المدينة قال :
هبي ريح طيبة . فيمتلئ جوف الرسول -
صلى الله عليه وسلم - الطاهر بهوائها وطيبها وعبيرها .
الحب السادس:
من حب - رسول الله صلى الله عليه وسلم - للمدينة أن حرم حمل
السلاح في حرم المدينة للقتال ، وعن إيراقه الدماء ، فيها أيضاً .
وذلك لأن إراقة الدماء - دماء المسلمين - حرام بدون سبب ،
ففي الحرمين أشد إثماً و قبحاً .
فعن أبي سعيد ألخدري - رضي الله عنه – قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
( اللهم إن إبراهيم حرم مكة ، و إني أحرم المدينة ،
حرام مابين مأزميها أن لا يهراق فيها دم ،
و لا يحمل فيها سلاح لقتال ) "رواه مسلم" .
ومن حبه - صلى الله عليه وسلم - أن يبشر أهلها
أن الطاعون لا يقربها و لا الدجال ، و الملائكة
يحرسونها على أنقابها و أبوابها .
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال :
قال رسول الله - صلى الله وسلم -
على أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون
ولا الدجال . "متفق عليه"
الحب السابع:
أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم جبل في المدينة ..
وهو جبل أحد ، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:
خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر أخدمه ،
فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - راجعاً ،
وبدا له أحد ، قال: (( هذا جبل يحبنا ونحبه )) .
"متفق عليه"
وعن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - قال:
خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إلى غزوة تبوك .... وفيه :
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( إني مسرع ، فمن شاء منكم فليسرع معي ، ومن شاء فليمكث .
فخرجنا حتى أشرفنا على المدينة ،
فقال - صلى الله عليه وسلم - :
(( هذه طابة ، وهذا أحد ، وهو جبل يحبنا ونحبه)) .
"متفق عليه"
ولاشك أن الله - سبحانه وتعالى - قد أطلع نبيه -
صلى الله عليه وسلم - على إدراك الجمادات ، وهو أمر غيبي ،
نؤمن به ونصدقه ، ونقول صدق الله تعالى -
وصدق رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - :
( وإن من شئ إلا يسبح بحمده ، ولكن لا تفقهون بتسبيحه).
وصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - جبل أحد ،
ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم ، فضربه برجله
وقال عليه الصلاة والسلام:
(( اثبت أحد ، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان )) .
"رواه البخاري"