دق بابي ذات يوم كبير الحي الذي نسكن فيه ، ولما
استقر داخل البيت أخرج رسالة من جيبه وطلب
مني قراءتها وإذا بها من فتاة تطلب العون لأنها
غير قادرة على تسديد الرسوم الجامعية وهي
مهددة بالطرد وهي في السنة الثالثة في كلية الطب ،
وبعد أن انتهيت سألني إن كنت من أعطى هذه الفتاة
عنوانه فقلت لا ، وقد تصادف أنني سأسافر بعد يومين
إلى بلد هذه الفتاة ، وقد أعطاني مبلغا أحسب أنه سينقذ
هذه الفتاة المسكينة وطلب مني إعطاء المبلغ إلى
الفتاة يدا بيد .. وقابلت الفتاة وقبل أن أسلمها
الأمانة سألتها كيف وصلت إلى عنوان هذا الرجل ..
فقالت :
ذهبت أعرض مشكلتي على جمعية خيرية فأعطوني
عنوان هذا الرجل المحسن وقالوا : إن ملفه عندنا
مليء بالخير والبركة ،أعطيتها الأمانة وفاضت
عيناها بالدموع وتهدج صوتها وأخذت تبكي وتشهق ،
ودعتها وانصرفت ودارت الأيام ومرض الرجل
وأدخل المستشفى وذهبت لزيارته وعجبا رأيت..
إنها الفتاة ذاتها تلبس ثياب العاملين في المستشفى
نائمة وقد توسدت ذراعها على الكرسي .
يا الهي ... وسرعان ما استيقظت ، سألتها :ما
حكايتك بعد أن تذكرتني ، قالت : تخرجت من
كلية الطب بتفوق ، وساعدتني الظروف على
العمل في هذا المستشفى ، وتذكرت الرجل الذي
ساعدني ذات يوم إنه من هذا البلد وقررت أن
أذهب له وأشكره على ما كان منه، لكنهم قالوا لي :
إنه نزيل هذا المستشفى في الحجرة رقم ... ،
وطلبت من إدارة المستشفى الموافقة على رعاية
هذا المريض كل الوقت ، فوافقوا بعدما عرفوا
ما كان من أمره معي ..
وعادت للمريض عافيته واغرورقت عيناه بالدموع
لما عرف من هي الفتاة ، وأصبح لها أهل وأب
آخر في غربتها.