السلام عليكم
موضوع
الخيانة ، هو موضوع مهم فعلا وخاصة لأنه زادت معدلات
الخيانة بكافة
أشكالها في الآونة الأخيرة ، بين الأزواج وبين الأصدقاء وبين الزملاء في العمل وبين
أفراد الأسرة ، يعني ظهرت في كل مكان في مجتمعاتنا العربية ، وهذا شيء لم
نكن نراه من قبل ، وإنه لشيء محزن فعلا أن مجتمعاتنا العربية والشرقية عامة
التي كانت تتميز بأخلاقيات معينة نجدها الآن تسير نحو طرق لا نعرف نهايتها ،
ومنها
الخيانة .
الخيانة في البداية أي كان نوعها لها أسباب كثيرة جدا ، أري أنه من أول وأهم هذه
الأسباب غياب دور الدين في حياتنا ، وابتعادنا عن الأخلاقيات التي تبثها فينا
الأديان السماوية كلها ، ولا أخص ديننا الإسلامي وحده ، هذا الابتعاد عن الدين
وعن الأخلاق هو السبب الأساسي في انتشار كثير من الأمراض ومنها
الخيانة . لم
يعد الفرد يشعر بمعني الخوف من الله كما يجب ، وأصبحت الخطيئة وارتكاب الذنوب
شيء عادي ، لا يؤلم ضمير الإنسان ، فبأقل السبل الآن ممكن للإنسان أن ينسي
تأنيب الضمير هذا الذي هو رادع لفعل الأخطاء .
أما عن أنواع
الخيانة فهي كثيرة
أنواعها ، خيانة الزوجة
لزوجها ، وخيانة الزوج للزوجة ، وخيانة الصديق لصديقه ، وأضيف أيضا إلي هذه
الأنواع خيانة الإخوة لبعضهم البعض ، وخيانة الآبناء للآباء . وربما تتسائلون كيف
يخون الأخ أخيه أو أخته ، أو العكس أو يخون الابن أبيه وأمه ؟؟ إن هذا يعتمد علي
مفهوم
الخيانة الذي أراه أنا .
الخيانة كما أراها هي كسر ميثاق بين شخصين أو
أكثر تعاهدوا علي شيء معين . أن يحافظ كل منهما علي الآخر ، أن يساعد كل
منها الآخر ، أن يراعي كل منهما الآخر ، أن يكون صادقا معه وصريحا ، وفيما يتعلق
بالأزواج أن يكون كل منهما كافيا للآخر في كل شيء بحيث يستغني بشريكه
وزوجه عن كل إنسان آخر، وغيره من المواثيق الكثيرة التي تكتب بدون كلام أو
كتابة بين الأفراد . وأي كسر لهذه المواثيق هو خيانة .
يكون أثر
الخيانة كبير وعميق جدا علي كل فرد يتعرض له ، وعواقبه تكون وخيمة
للغاية ، صحيح أن الزمن كفيل بمداواة الجراح ، لكن جرح
الخيانة غالبا ما يترك أثره
في نفس من تعرض لها ، وصعب أن ينساه ، وخاصة المرأة التي خصها الله تعالي
بطبيعة خاصة تميل إلي العاطفة والمشاعر أكثر من الرجل .
لا أريد أن أطيل كثيرا لذا سأتكلم عن كل نوع بشكل سريح جدا . وأبدأ بخيانة الأبناء
لآبائهم وهي العقوق . أري أن العقوق هو أكبر خيانة . من المفترض أن يصون الأبناء
آبائهم ويطيعونهم ويسهرون علي راحتهم حين يحتاجون للعناية والرعاية في السن
الكبيرة ، إلا أننا نجد الآن من يترك أبيه أو أمه ولا يراعيه أو حتى يسأل عنه لأي
سبب من الأسباب ، وهذا كثر جدا ، هل نسي هذه الإبن أو هذه الأبنة أنه في يوم
من الأيام قد يكون هو في موقفهم ويحتاج لأبنائه ؟؟
هذا هو نفس الحال بين الإخوة ، من يتخلي عن أخيه أو أخته ويتنصل من واجباته
نحوهم ، ومن يخون ثقتهم فيه سواء في مال أو مساعدة أو رعاية ، من يتخلي عن مسؤليته فهو خائن .
أما خيانة الأصدقاء ، فهي خيانة ثقة أيضا أو تخلي عن مساعدة الآخر وقت الشدة
، أو ألا يكون كل منهما مرآة صادقة للآخر . وهناك أيضا خيانات رأيتها بين الأصدقاء
أن يكون هناك من يحب فتاة ويصارح صديقه بهذا الحب ونفاجأ بأن الصديق هذا خان
صديقه وأخذ منه حبه ، وهنا
الخيانة قد تكون مشتركة بين الصديق الخائن وبين
الفتاة التي خانت حبيبها من أجل صديقه . والعكس ايضا موجود بين الفتيات .
اما خيانة الأزواج لبعضهم البعض ، فللأسف كثرت جدا والسبب غياب الدين والتفكك
الأسري وانعدام الترابط والحب بين الزوج والزوجة ، لكن أعتقد أن خيانة الزوجات لا
تزال قليلة مقارنة بخيانة الأزواج لزوجاتهم ، فلازالت المرأة العربية والشرقية إلي حد
كبير تصون شرفها وشرف زوجها وبيتها ، وتفكر مرات ومرات ومرات قبل
الخيانة ،
لكن الرجال للأسف بحكم السلطة الكبيرة التي يعتقدون أنها معطاة لهم يتصرفون
وكأنهم لا يخطئون ، وينسون أحيانا الله تعالي وأوامره . وأثر
الخيانة بين الازواج يدفع
الأبناء ثمنها في البداية ، ولو لم يكن هناك أبناء فالمرأة هي المجني عليها في
البداية لو كان الزوج هو الخائن ، فمشاعر المرأة تتأثر أسرع كثيرا من الرجل وأثر
الخيانة عليها يكون قاتل ، وعلي الرغم من هذا قد تتحمل الحياة وتستمر فيها من
أجل بقاء البيت ومن أجل الأبناء . أما الرجل فالخيانة تكون بالنسبة له في كرامته
وسمعته في البداية ثم تأتي الاعتبارات الأخري بعد هذا . وأيضا من يدفع الثمن هم الأبناء .
أيا كانت
الخيانة فهي دمار وقتل للنفس ، وتدمير للمجتمع وللبشرية . الغرب متقدم
لكن مجتمعه فاشل بسبب
الخيانة المتفشية فيه علي كل
أنواعها . وأخشي ما
أخشاه أن تسير مجتمعاتنا إلي ما سار إليه الغرب ، فلن نصبح متقدمين علميا فقط
ولكن مدمرين إجتماعيا أيضا . حفظ الله بلادنا ومجتمعاتنا من الشرور جميعها .