علماء سورية.. موقف يسجله التاريخ

لعلماء سورية مواقف متباينة من الثورة السورية سيسطرها التاريخ لا محالة، وسيضعها في الأماكن المناسبة من خزانته كل حسب موقفه.. كما أنها مسجلة دون شك في سجل أعمالهم عند الله سبحانه وتعالى ليوم الحساب الأعظم ( اليّوًمّ تٍجًزّى كٍلَ نّفًسُ بٌمّا كّسّبّتً )(غافر: 17)..
وتلك عيّنة من مواقف العلماء نطرحها، عسى أن يقف الجميع أمام أنفسهم ويراجعوها؛ فإن كانت خيراً فليزيدوا منه، وإن كانت شراً فليسارعوا بتصحيح مسارهم قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم .
1 - الشيخ محمد علي الصابوني رئيس رابطة علماء سورية صاحب الموقف الكبير الذي قاد علماء الأمة العاملين الذين لا يخشون في الله لومة لائم.. قادهم في التصدي لهمجية النظام بالرأي الشرعي السديد الذي استنكر الجرائم الدموية بحق الشعب السوري، وبيّن حق الشعب الطبيعي في التعبير عن رأيه والمطالب بحقوقه. وقد ناشد الثوار الحفاظ على ثورتهم سلمية دون أي عنف. مؤكداً أن من سقط منهم فهو شهيد بإذن الله، أما القتلة المجرمون فحسابهم عند الله عسير.. وقال: إن الحفاظ على الثورة سلمية تفضح النظام وتبطل حججه الواهية، في أنه يستخدم القوة لمواجهة عنف المتظاهرين.
2- الشيخ أسامة عبدالكريم الرفاعي، نجل العلامة الراحل عبدالكريم أحد كبار علماء سورية السابقين والمشهود لهم بالصلاح والعلم، وهو قائد تيار إسلامي دعوي يطلق عليه جماعة «زيد» نسبة إلى الصحابي زيد بن ثابت ]، وهو اسم المسجد الذي انطلق منه والده الشيخ عبدالكريم في عمله الدعوي.وهذه الجماعة تعد من أكثر الجماعات اعتدالاً وتلامذتها يعدون بعشرات الآلاف وتحتفظ بعلاقات جيدة مع المدارس والتيارات الإسلامية الأخرى، ومعروف عن الشيخ أسامة علمه وصلاحه وعدم انزلاقه في جوقة النفاق والتزلف، وكان له خلال الأحداث الأخيرة خطب قوية، وكانت تنطلق من المسجد الذي يخطب فيه في منطقة «كفر سوسة» مظاهرات ومسيرات، وكان يتم سحقها بقسوة، وأقدمت السلطات الأمنية على إغلاق المسجد بحجة الصيانة وهو مغلق حتى الآن، وهو موقوف عن الخطابة.
3- الشيخ كريم راجح، وهو شيخ القراء في الديار الشامية، وكان يخطب في مسجد «الحسن» بدمشق، ومعروف عنه الرصانة والعلم، ولم يكن معروفاً عنه التدخل في القضايا السياسية، ولكنه منذ اندلاع الأزمة تحدث أكثر من على منبر الجمعة بنقد هادئ لممارسات الأجهزة الأمنية، وتعرف هذه الخطب بما يسمى «خطبة الوداع» في جمعة الحرية «أزادى»، حيث تقدم باستقالته من وزارة الأوقاف من على منبر صلاة الجمعة كتعبير عن احتجاجاته لما آلت إليه الأوضاع.
4- الشيخ محمد نعيم عرقسوس، وهو من العلماء المشهود لهم، وينتمي إلى مدرسة جماعة «زيد»، ومهمته تحفيظ القرآن وعلومه، ويخطب في مسجد «العثمان» (الكويتي) في حي المزرعة بدمشق.ومعروف عنه الاهتمام بالعلم والرصانة، وهو ملتزم الصمت، ولكنه صمت العلماء غير الراضين عن سلوك النظام وسياساته.
5- الشيخ سارية الرفاعي، شقيق الشيخ أسامة ونجل الشيخ عبدالكريم الرفاعي، وهو الرجل الثاني في جماعة «زيد» ويخطب في أحد المساجد بشارع خالد بن الوليد بوسط العاصمة، وهو معروف بعلمه وصلاحه، وهو مكمل لشقيقه الشيخ أسامة ومعروف عنه بالخطابة القوية، مسجده مازال مفتوحاً.
6- الشيخ معاذ الخطيب، وهو من الأئمة السابقين للمسجد الأموي، ومعروف عنه العلم والوعي والجرأة، وقد تم اعتقاله خلال هذه الأحداث ثم تم الإفراج عنه.
7- الشيخ د. وهبة الزحيلي، وهو من كبار علماء الفقه الإسلامي، وكان عميداً لكلية الشريعة في دمشق، ولكنه ينأى بنفسه عن شؤون السياسة، ويقتصر على الحديث الشرعي والفقهي والإيمان، وكان من العلماء الملتزمين بالصمت، ولم يدخل في جوقة المداحين.
8- د. محمد راتب النابلسي، وهو من أشهر الدعاة في سورية والعالم العربي والإسلامي، وعُرف عنه الأسلوب الجذاب، وقد لزم الصمت في الأسابيع الأولى، وتحت الضغوط التي تعرض لها اضطر لإلقاء خطبة في مسجده «النابلسي» بحي ركن الدين في دمشق، وخلال الخطبة ظهر عليه التأثر وبكى أمام المصلين وهو يتكلم عن خوفه على سورية ومستقبلها، وتنامت عليه الضغوط، فيما بعد من قبل أجهزة النظام، فاضطر إلى مغادرة سورية، حيث لديه برامج تلفزيونية ومحاضرات خارجها.