تدبر سورة السجدة

موضوع: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:44

سورة السجدة
وتسمى (الم السجدة) تمييزاً لها
قرأها النبي وحث على قراءتها
وفي بعض الأحاديث قرنت بسورة الملك فلم يكن رسول الله ينام حتى يقرأها وسورة الملك....
واشتهرت بقراءتها في فجر الجمعة....
وهي ثلاثون آية مكية على الارجح من أقوال العلماء
اشتملت على مجموعة من الموضوعات تميزت في بعضها واشتركت مع غيرها في بعضها الآخر
من موضوعاتها:
اثبات ربانية القرآن الكريم
مشاهد من يوم القيامة
جزاء المؤمن والكافر
بعض صفات المؤمن والكافر
إشارة إلى الامم السابقة
إشارة إلى دلائل الالوهية والربوبية في النفس والآفاق
وفي ثنايا ذلك توجيهات ربانية لرسول الله والمؤمنين

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:44

قوله تعالى: {الم}
موضوع الحروف المقطعة أخذ مساحات من التفاسير، وتنوعت اقوال العلماء والمفسرين في بيان المقصود واختلطت أحيانا....فمن قائل بعدم جواز البحث في معناها والتسليم في ذلك لعلم الله، ومن قائل بجواز البحث في معانيها حيث ان الله لم يتعبدنا بأمر غير مفهوم....وهؤلاء لم يتفقوا على معنى واحد....وبعضهم خلط بين المعنى ومفهوم هذه الحروف وبين المقصود والحكمة من إيرادها في القرآن الكريم..فالذي أفهمه من كلام كثير من الأئمة والعلماء أن الحكمة من إيراد هذه الحروف هي التحدي والاعجاز فيقال لمن نزل فيهم القرآن وهم أهل الفصاحة والبيان ولمن بعدهم من العرب واصحاب اللسان وكل من يتوجه له الخطاب إن هذا القرآن مؤلف من هذه الحروف التي تتكلمون بها وليس من حروف أخرى فإن استطعتم أن تؤلفوا من هذه الحروف التي تستعملونها في كلامكم مثل هذا القرآن فافعلوا...والله أعلم

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:45

قوله تعالى: "تنزيل الكتاب لاريب فيه من رب العالمين"
لعل هذه الآية تمثل محورا تدور حوله بقية آيات السورة... وهو ما سنحاول فهمه ومعرفته خلال تدبر هذه السورة الكريمة....
البداية:
في هذه الآية مجموعة من أسئلة التدبر:
أولا : التعبير بالمصدر (تنزيل) في تقرير مراد الآية...
ثانياً: التعبير بلفظ (الكتاب) عن القرآن..
ثالثاً: وجود الجملة المعترضة (لاريب فيه)...
رابعاً: التعبير بلفظ الربوبية (رب العالمين) دون الألوهية مثلاً..

في المشاركة القادمة نجيب بإذن الله تعالى....فحاولوا التفكر والتدبر..وشاركونا بعض الإجابة..
إلى اللقاء

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:45

أولاً: المعنى الاجمالي للآية:
تقرر الآية أن هذا الكتاب (القرآن) منزل من رب العالمين رداً على كلام الكافرين الآتي بعد قليل في الآيات الذين قالوا إنه من كلام رسول الله ونسبه محمد لله....
ثانياً: دلالة البدء بهذا:
يدل البدء بهذ البداية القوية على شدة ما كان يواجهه رسول الله من افتراء الكفار وتكذيبهم وإنكارهم...
ثالثاً: فائدة الاية وما فيها من درس:
1- زرع الثقة في نفس النبي تدبر سورة السجدة 1

ومن معه من المسلمين فلا يجدوا في أنفسهم شيئاً بسبب شدة الحملة عليه وعلى كتابه
2- الرد على المكذبين القائلين بأن الكتاب كلام محمد...
والتعبير بالاسم لما فيه من الثبات والتحقق، والمصدر يدل على المبالغة وهي مقصودة في التأكيد على مراد الآية..

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:46

قول الله تعالى {أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون}
ههنا جملٌ كثيرة ينبغي التوقف عندها وتساؤلات تحملُ الاجابةُ عنها معاني ودلالاتٍ عظيمة وكبيرة:
الجملة الأولى: {أم يقولون افتراه}
تساؤلات: صلتها بالآية السابقة
-موقع (أم)
- التعبير بالفعل المضارع (يقولون)
-مفهوم (افتراه)
-التعبير بالفعل الماضي (افتراه)
الجملة الثانية: {بل هو الحق من ربك}
تساؤلات: صِلتُها بمقدمة الآية
- موقع (بل)
- استخدام ضمير الشأن (هو)
- التعبير بـ (الحق) ودلالته
- موقع (من)
- التعبير بلفظ الربوبية (رب) وإضافته إلى الضمير (ك)
الجملة الثالثة: {لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك}
تساؤلات: صِلتها بالجمل السابقة
- موقع اللام (لـ)
- مفهوم الانذار ولماذا الاقتصار عليه هنا؟
- تنكير (قوماً) ودلالة ذلك.
-معنى (ما أتاهم من نذير) وما يترتب عليه
-موقع (من نذير) في الآية
-مقصود (لعلهم يهتدون)
هذه بعض القضايا التي يمكن أن نبحثها وغيرها في هذه الآية الكريمة فادعوا الله أن يعين ويسدد ويتقبل
إلى اللقاء

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:46

الجملة الأولى: أم يقولون افتراه
إذا كانت أم هنا هي المنقطعة بمعنى بل والهمزة فإنّ صلتها بما سبقها واضحة وهو انتقال الكلام من إثبات إنزال القرآن من رب العالمين إلى بيان مقولة الكافرين في كتاب الله تعالى، وهو إضراب انتقالي، بمعنى أنّه لا يلغي ما سبق من الكلام وإنما ينتقل إلى مسألةٍ أخرى يكون لها تعلّقٌ بما سبق.والهمزة للانكار وهذا الذي عليه أكثر المفسرين من اعتبار أم هنا بمعنى بل.
والذي فهمته من كلام الطبري أنّه يعدّ هذا أسلوباً من أساليب العرب في الاستفهام، فيقول: أم هذه تقرير، وقد بيَّنا في غير موضع من كتابنا، أن العرب إذا اعترضت بالاستفهام في أضعاف كلام قد تقدّم بعضه أنه يستفهم بأم، ثم قال: وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك: ويقولون. وقال: أم بمعنى الواو، بمعنى بل في مثل هذا الموضع.......وعلى هذا فعلاقتها كذلك واضحة في تقرير كلام الكفار في الكتاب والانكار عليهم بهذا الاستفهام...

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:47

والتعبير بالفعل المضارع (يقولون) لاستحضار صورة قولهم وأنها متجددة ....
والعجيب أنّ كثيراً من المستشرقين في هذا العصر يدندن حول هذه الفرية باستخدام وسائل وأساليب خبيثة مستندين إلى مرويات كثيرة في القراءات وترتيب المصحف وكثير مما يتعلق بعلوم القرآن في محاولة يائسة منهم لإثبات تدخل البشر في هذا الكتاب وأن كثيراً من القراءات إنما هي من وضع الصحابة وبالتالي هذا القرآن فيه ما فيه كبرت كلمة تخرج من أفواههم......
والافتراء: من فرى يفري يقال فرى فلان كذباً: خلقه، وافتراه اختلقه،والاسم الفرية....

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:47

الجملة الثانية: بل هو الحق من ربك
بل: اضراب ابطالي، بمعنى أبطل القرآن كلام الكفار أن محمداً افترى هذا الكتاب واختلقه ونسبه إلى الله تعالى، وانتقل إلى تقرير ربوبية هذا الكتاب (هو الحق من ربك)...
إنّه قولٌ فصلٌ في مواجهة اعتراض الكافرين وافتراءاتهم، فلا يؤثِّر فيك كلامهم وثق ثقةً مطلقة أنّ القرآن من الرب تبارك وتعالى....
وهنا كلمات وحروف لكل منها فائدته:
ابتداءً من الضمير (هو)...اشارة الى الكتاب بضمير الشأن رفعاً لمنزلته وتنويهاً بشأنه..
وقوله: (الحق) والتعبير بالحق في مقابلة ما ادعوه بأنه باطل، فهو الصدق أنه من عند الله...وتعريفه بأل التعريف للجنس، فهو الحق المعروف من بين الأجناس، وفي استخدام لفظ الحق توجيه للنبي ومن معه للثقة به...لأنه جدير بهذه الثقة ما دام حقاً..
وقوله: (من ربك) استخدام لفظ الرب يوحي يمعية الله للنبي والمؤمنين في مواجهة أهل الشرك فلا يحزنوا ولا ييأسوا ولا يضعفوا فالرب معهم سبحانه....
وإضافة ضمير المخاطب إلى لفظ الرب تكريم وتشريف للنبي تدبر سورة السجدة 1

وهو شرف لمن آمن به وتبعه...

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:48

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}
في هذه الآية مجموعةٌ من التساؤلات ينبغي علينا أن نقفَ على إجاباتِها لمعرفة المعنى والمراد والمقصود بها:
الأول: يَتّصلُ بِعلاقة هذه الاية بما سبق، وعلاقتها بمِحور السورة وموضوعها الرئيسي.
الثاني: في فائدة الجملة الاسمية (الله الذي....الخ)
الثالث: في أثر ذكر مظاهر القدرة هذه (ما لكم من دونهِ.....الخ)
الرابع: الاستفهام في (أفلا تتذكرون) وفائدة فكّ الادغام والفرق بينه وبين الادغام في آياتٍ أخَر.....
الخامس: في جمع السماوات وإفراد الأرض (وإن كانَ موضوعاً قديماً إلا أنه يمكن التذكير به)
السادس: أثر ذكر (في ستة أيام) وفائدته والتوجيه الموجود فيه...
السابعُ: في الاستواء على العرش وما يتعلق به (وهي مسألةٌ عميقة)
الثامن: في فائدة ذكر حرف الجر من في (من دونه من ولي)
التاسع: في تكرار النفي (ولا شفيع)
العاشر: في العبرة والدرس من هذه الآية
ألم أقلْ لكم إنّ هذه السورة فوق ما يظنّ البعض من معانٍ ومراداتٍ...

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:48

علاقة الآية بما سبقها:
في الآية السابقة ذكر فضل الكتاب الذي أنزل ووظيفة الرسول تدبر سورة السجدة 1

من إنذار القوم رجاء هدايتهم وهذه الآية تتحدث عن بيان صفة من أنزل هذا الكتاب الذي يستحق التوحيد والعبادة والاستجابة لرسله...إنه التوحيد يعرضه القرآن في عدة مجالات في الآفاق وفي الأنفس وكلا المجالين موجودين في السورة، يمثلان وسيلة من وسائل هذا الإنذار فابدأ أول ما تبدأ بدعوتهم إلى توحيد الاله الواحد والرب الواحد ذي الصفات الكاملة التي لا يشاركه بها أحد من هذه الآلهة التي تدعون....
وذكر لفظ الجلالة (الله) لما يزرعه من الهيبة في نفوس السامعين فيرعووا ويتداركوا ما هم عليه من الخلل،،، ثم هو الاسم المختص به سبحانه وفي هذا قطعٌ لأي شك إشراك غيره معه سبحانه
وذكر الموصول دعمٌ لهذا الانفراد بالخلق والتدبير
والله أعلم

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:49

{الله الذي خلق....}
البدء بجملة إسمية:
الجملة الاسمية عموماً تدل على الثبات والاستمرار فبدء الآية بجملة إسمية للدلالة على ثبات هذه الصفة لله تبارك وتعالى واستمرارها إلى قيام الساعة واستخدام الاسم الموصول في التعريف للتعظيم والتفخيم وبيان أن ما في حيز الصلة مُستَحَق لله تبارك وتعالى وحده دون غيره....
وإظهار لفظ الجلالة لزرع المهابة في نفوس السامعين وبث الرهبة والتعظيم في القلوب
وذكر خلق السماوات والارض ابتداء لأنهما أعظم الخلق لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} هذا من جانب ومن جانب آخر هي أمامهم وماثلة لعيونهم في كل لحظة فالتذكير بها لدفعهم بسرعة إلى النظر إليها...

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:49

اذن هو الكلام عن عظمة الله المطلقة وقدرته المطلقة وهي الحقيقة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن تستقرّ في قلوب المؤمنين حين يقرأون هذه السورة...
من بداية السورة توجيه إلى توحيد الربوبية والالوهية...توجيه إلى التفكر في العظمة المطلقة والقدرة المطلقة من خلال آيات الله تبارك وتعالى في الأنفس وفي الآفاق...وهذه الآية في الآفاق وبعد قليل تأتي الأنفس عند الحديث عن خلق الانسان...فأي هدفٍ وأيّ مغزىً من مثل هذه البداية....
1- توجيه الانسان إلى التفكر في هذه الصفات من صفات الله تعالى..
2- ملء قلب الانسان إيماناً وتعظيماً ومهابةً وخوفاً من صاحب العظمة المطلقة والقدرة المطلقة.
3- ملء قلبه ثقةً ويقيناً وطمأنينةً وتوكلاً على هذا الخالق صاحب القدرة والعظمة....
4- ثم من بعدُ تحذيرٌ للسامعين (ما لكم من دونه...)...إذ لم تكف كل تلك الآيات وكل تلك التوجيهات في التذكر والاستسلام لله فكان التحذير...
هذا بعضُ ما في الآية من أهداف أرادت السورة أن تزرعها في قلوب أهل الإيمان..وهم يقرأونها في كلّ أسبوع بل في كل ليلة....
والله أعلم...

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:50

في الحديث عن خلق السماوات والأرض وما بينهما تنبيه إلى كل مخلوق مما يعبده هؤلاء مما يعتقدون أنها تقربهم إلى الله زلفى...وأنها تنفعههم وتشفع لهم عند الله كما كانوا يعتقدون.....فجاء كلام الله فاصلاً فما هي إلا مخلوقات مثلكم فما الذي يميزهم عنكم حتى يكو نوا لكم أولياء وناصرين وشفعاء......
أما تخصيص قوله لكم...ففيه توجه بالكلام إلى هؤلاء مباشرة...وفيه معنى تقريع وتنبيه شديد...فهم المعنيون ابتداء بالخطاب...
من دونه: من هنا ابتدائية بمعنى ما لكم اذا جاوزتم الله وولايته ونصرته ولي ولا شفيع... ومن في قوله (من ولي) قيل زائدة لتوكيد النفي هكذا يقول كثير من المفسرين...وفيه معنى التقليل بمعنى ما لكم أمل نهائياً في أن يكون لكم ولي...صغيراً كان أو كبيراً....وذكر (لا) لتأكيد نفي الشفيع..وللتغاير بين معنى الشفيع والولي..والله أعلم

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:50

عند قوله تعالى: {أفلا تتذكرون}
استفهام إنكاري، فإنه أمر عجيب وموقف غريب أمام كل تلك الآيات الدالة على قدرة الخالق يرونها كل يومٍ أمام أعينهم وأمام البراهين الدالة على أن هذا الكتاب هو كلام الله تبارك وتعالى أيبقى بعد ذلك كله مجال لعدم الانصياع لهذا الرب تبارك وتعالى، أيبقى مجالٌ لتناسي ما يجب من الايمان بهذا الخالق، أيبقى مجال لعدم الاذعان والاستجابة لرسل الله عليهم الصلاة والسلام؟؟؟ فإن هذه المذكرات اليومية كفيلة بأن يستجيب هؤلاء....
يبقى الكلام على قوله {تتذكرون} والفرق بينها وبين {تذكّرون} الواردة في آياتٍ أُخَر، وكما يقال: الزيادة في المبنى تعني الزيادة في المعنى....فما المعنى الذي أضافته التاء في هذه الآية

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:52

وصلنا إلى قوله تعالى: {
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}
ونطرح الاسئلة علّها تساعدنا على الوصول إلى فهم أفضل:
ما مناسبة الآية لما سبقها من الآيات؟
لماذا جاءت مفصولة عن الآية السابقة؟
ما المقصود بتدبير الأمر؟ وأي أمر؟
ما المقصود بعروج الأمر بعد ذلك؟
ما المقصود باليوم في الآية؟

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:53

مناسبة الآية لما سبقها:
لما ذكرت الآيات السابقة أنّ الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض ثم استوى على العرش، وأن ليس لأحد دون الله ولي ولا شفيع، ذكرت ما يفعل الله في ملكه وخلقه، فهو لم يخلقه عبثاً ولا سدىً، بل يدبّره ويدي شؤونه إلى أن يأتي يوم تنتهي فيه هذه الحياة الدنيا.
لماذا جاءت مفصولة عن الآية السابقة:
أحسب أنّها جاءت مفصولة لتكون لها دلالة مستقلة على ما تفيده، فرغم علاقتها بالآية السابقة من حيث أنها في موضع الحال من لفظ الجلالة في الآية السابقة كما ذكر بعض المفسرين بمعنى (خلق الخلائق مدبراً أمرها) أقول: رغم هذا إلا أنّ أريد لها والله أعلم أن تكون مستقلة بدلالتها على آيةٍ أخرى من آيات القدرة المطلقة لله تبارك وتعالى.
ما المقصود بالأمر:
الأمر: لفظ شامل لجميع شؤون السماء والأرض وما بينهما، فاللام فيه للاستغراق.
وتدبيره:
التحكم فيه وتصريفه وإنفاذ قضاءه وقدره فيه، وهذا يشمل جميع مايريد الله تبارك وتعالى قضاءه.
التعبير بـِ (ثمّ):
ثمّ للتراخي الرتبي، فتدبير الأمر عظيم وعروجه بعد ذلك أعظم.
ما المقصود بالعروج؟ واليوم؟ .

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:53

العروج: الصعود، يقال: عرج في الدرج والسلم يعرج عروجاً أي ارتقى، وقوله (ثم تعرج): أي ترتقي إليه وتصعد تلك الامور التي تم تدبيرها في الحياة الدنيا، فتنتهي إليه سبحانه وتعالى.
وقد قال بعض المفسرين: وهذا العروج مجاز عن ثبوته في علمه تعالى أي تعلق علمه سبحانه به تعلقاً تنجيزياً بأن يعلمه جل وعلا موجوداً بالفعل أو عن كتابته في صحف الملائكة عليهم السلام القائمين بأمره عز وجل موجوداً كذلك..قاله الآلوسي.
وقال قبل ذلك البغوي وغيره: يصعد إليه جبريل بالأمر.
وعند الرازي معناه: "والله أعلم أن أمره ينزل من السماء على عباده وتعرج إليه أعمالهم الصالحة الصادرة على موافقة ذلك الأمر ، فإن العمل أثر الأمر"
وقال ابن عبد السلام إضافة إلى ما قاله البغوي: أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع الملائكة.
وهذا العروج ورد في أكثر من آية في كتاب الله:
{تعرج الملائكة والروح إليه....}
{من الله ذي المعارج...}
{يعلم ما ينزل من السماء وما يعرج فيها...}
{يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها...}

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:54

قوله تعالى: {ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم}
جمعت الآية ثلاثا من صفات الله تبارك وتعالى: عالم الغيب والشهادة، العزيز، الرحيم.
واسم الاشارة للتعظيم
والآية مفصولة لكمال الاتصال، فبعد أن ذكر تدبير الله للكون وما فيه، وهو الأمر الذي يحتاج لعظيم حكيم أشار إليه باسم الاشارة الدال على البعد، فهو للدلالة على عظمة الحق تبارك وتعالى.
والتعبير بالاسماء للدلالة على تبات هذه الصفات لله تبارك وتعالى.
واختيار هذه الاسماء دون غيرها في هذه الآية جاء في أحسن موقع: وحملت من المعاني ما ينبغي التوقف عنده وتدبره والاعتبار منه.
الذي خلق السماوات والارض ويدبر أمرهما وما فيهما يعلم ما هو ظاهر فيهما وما هو باطن، وما هو سرّ وما هو علن، وإلا فكيف يدبرهما؟؟!
وهذا يحمل في طيّاته التنبيه والتهديد للخلق فلا يغفلوا
وذكر الشهادة بعد الغيب مع أنّ عالم الغيب يعلم الشهادة ضرورة!!!!!!!!! ترى لماذا؟
وذكر العزيز الرحيم له علاقة بما سبق وما يلحق من آيات؟؟؟؟؟؟ فما هي هذه العلاقة؟

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:55

قوله تعالى: {الذي أحسن كلّ شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين}
ختمت الآية السابقة باسم الله الرحيم، ومن رحمة الله أن أحسن خلق هذا الكون وما فيه، فجاء في أكمل صورة، كل شيء فيه يؤدي دوره على أكمل وجه، لا يتخلف جزء عن القيام بمهمته ولولا ذاك لاختل نظام الكون، أفليس من رحمة الله أن أحسن هذا الخلق......
والحسنُ فيما خلق الله واضح للعيان، لا يحتاج إلى عناء ليدركه الانسان، فيا حسنَ السماء وما فيها ويا حسن الأرض وما عليها، ويا حسنَ خلق الإنسان الذي بدأ من طين فكان آية من آيات القدرة المطلقة....
والانسان المقصود ههنا هو آدم عليه السلام، فهو أو إنسان، ثمّ كان النسل منهم كما أخبرتنا الآية التالية لهذه...
وكل ما ذكرت من مراحل خلقه إنما هو صور من صورِ رحمة الله تبارك وتعالى.

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:56

قوله تعالى: {ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون}
جاءت هاتان الآيتان بعد الإشارة إلى إحسان اللهِ تبارك وتعالى لخلقِه، وقد توسطت هذه الإشارة بين خلق السماوات وتدبير أمرها وبين خلق الإنسان، حيث اختير ليكون أولَ ما يذكّر ويلفتُ الانتباه للتتفكر والتدبّر من هذه المخلوقات التي أحسن الله خلقها..
{وبدأ خلق الإنسان من طين}
{ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين}
{ثم سواه}
{ونفخ فيه من روحه}
{وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}
{قليلاً ما تشكرون}
إنها مقاطع تشدَهُ القارئ وتشدُّه، وتملكُ عليه حسّه وإحساسه، ما عليه إلا أن يقف عنده متفكراً متدبراً.
وهي مقاطع يحتاج كلّ منها إلى وقفةٍ منّا -بل وِقفات- لفهمها ومعرفة المراد بها علماً وعملاً، وهذا درسنا -إن شاء الله- بعد الغياب القسري...أرجو الله أن يعين على إتمامه وأن يتقبل من الجميع...

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:56

قال تعالى: {....وبدأ خلق الإنسان من طين}
الجملة معطوفة على ماذا؟
الحديث في بداية الآية عن الخلق بشكل عام، واختصت الآية خلق الإنسان بالذكر، ولهذا دلالاته التي ينبغي أن يتوقف عندها المرء...
في الآية التعبير بقوله {...وبدأ خلق الإنسان..}
وفي الآيات الأخرى قال: {خلق الإنسان من....}
فما دواعي اختلاف التعبير ههنا؟
لعل المفسرين اجتمعوا على أنّ المقصود هنا هو آدم عليه السلام، فلماذا لم يذكر لفظ آدم واختير لفظ الإنسان؟
ورد ذكر هذا الخلق في أكثر من آية:
{وإذ قال ربك إني خالق بشراً من صلصالٍ من حمأ مسنون...}
{خلق الإنسان من صلصال كالفخار}
{فإنا خلقناكم من تراب...}
ربما ورد ذكر آدم صراحة حيث قال: {إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم، خلقه من تراب..}، واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس قال ااسجد لمن خلقت طينا}، {...خلقتني من نار وخلقته من طين}،
واختلف التعبير حينا في مثل قوله تعالى: {إنا خلقناهم من طين لازب}، {ومن آياته أن خلقكم من تراب..}، {هو الذي خلقكم من تراب..}، {هو الذي خلقكم من طين..}،
{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين..}، {اذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من طين}،
وهكذا يعبر القرآن عن مسألة بدء الخلق بهذه التعبيرات المختلفة، فلا يكون تكرار، ولا يملّ القارئ من مراجعتها، وفي كل مرة يتناسب التعبير مع الآيات التي ورد في سياقها.
فتأمّلوا وتدبروا...وكل آية منها نحتاج فيها إلى وقفات..

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 15/11/2010, 05:57

قوله تعالى: {ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين}
دلالة استعمال حرف العطف {ثم}....
استخدام لفظ {جعل}...وقبل ذلك استخدم لفظ الخلق...
معنى النسل....
مقصود السلالة من ماء مهين...
دلالة هذا الأمر
هذه تساؤلات وردت على الذهن لعلنا نجد لها إجابات...

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 17/11/2010, 09:34

جزاكي الله كل خير

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 19/11/2010, 07:01

جزانا وجزاك اخى الغالى

موضوع: رد: تدبر سورة السجدة 28/11/2010, 23:23

جزاكم الله خير جميعا